1- ( دكاكين البركة )
يعتبر الدكان جزءاً مهما في حياة الديريين نظرا للعلاقة الوثيقة مع الدكان وزيارته مرات عديدة في اليوم .
تختلف دكاكين الأمس عن دكاكين اليوم والتي تسمى “سوبر ماركت”
فالدكاكين القديمة رغم صغرها كانت تحتوي على الكثير من اللوازم والحاجيات الضرورية اليومية, بدءاً من حبوب الأسبرين إلى زيت الكاز أو القاز والذي كنا نستخدمه في الطبخ إضافة إلى مواد التجميل كالبودرة والمناكير ودهن القطن والصابون بأنواعه والأمشاط وأدوات الخياطة مثل الإبر والخيوط والمعلبات. ناهيك عن السكر والشاي والرز والبرغل وصفاط الراحة والبسكويت والكرميلا وغيره !!!! سوبر ماركت متكامل رغم صغره .
كانت علاقة الناس بالبقال علاقة ود ومعرفة وثقة وفي بعض الأحيان يحتاج البعض لأشياء لكنه لايملك ثمنها فيذهب إلى الدكان ويأخذ حاجته وبدون أن يدفع أو حتى يسجل اسمه في دفتر الدين .
الدكان في دير الزور مصدر شهرة لصاحبه, وهناك أسماء كثيرة إشتهرت بسبب الدكان مثل ابن حوكان وأحمد العديس أبو بشير, و دكانه غريب عحيب تجد فيه كل شيء, وأعتقد أن الكثير منا تردد على دكانه لشراء سكائر الفرط بأنواعها الكثيرة وكانت السيكارة الأميركية بفرنكين .
وهناك أيضا المرحوم حاج أحمد القنبر الذي سميت أهم زاوية في الشارع العام باسمه
(قرنة ابن قنبر) إذ أن الكثير من الدكاكين تصبح نقاط علام .
بعض النسوة امتهن مهنة الدكان لكن لم يكن لديهن دكاكين بل كانوا يمارسون المهنة في المنازل.
مع مرور الزمن إنقرضت دكاكين أيام زمان وحل محلها السوبر ماركت ورغم المواد الكثيرة التي يحويها فإنك تشعر أن هناك شييئاً ما ناقصاً بعكس الدكاكين.
ربما يكون تطور الزمن هو من جعل احتياجاتنا كثيرة أو ربما العيش في مجتمع استهلاكي فرض على الناس إقتناء وشراء كل شيء.
رحم الله أيام القناعة والطيبة والعفوية والصدق مع الذات والآخرين.
2- ( خلوف الأسمر ):
خلوف الأسمر المعروف بإبن الاسمر أحد أقدم وأشهر العطارين في دير الزور وشهرته تعدت المدينة لتصل إلى الكثير من قراها.
يقع محله في منطقة أصبحت فيما بعد استراتيجية كونها تقع بين الشارع الرئيسي العام وشارع( ستة إلا ربع ) إضافة لبعض الشوارع الخلفية الهامة.
لابد لكل من صادف مروره من أمام محله إلا ويتذكر رائحة الصابون والتوابل والبخور المنبعثة من دكانه ……
مرة واحدة في حياتي دخلت محله كنت وقتها طفلاً وأتذكر أني اشتريت من عنده مرهم أسود ووضعه لي على ورقة وناولني إياه .
كان المحل وقتها أشبه ما يكون بكهف إنارته خافتة تتبعثر في أرجائه بعض الشوالات وصناديق وعلب كرتونية شبه فارغة وأخرى تحوي أشياء لا أعرفها.
وكانت هناك أيضا قطرميزات مصفوفة على رف خشبي داخلها مواد ملونة بالأحمر والأصفر والأسود عرفتها فيما بعد أنها توابل من “عصفر وفلفل وبهارات وغيرها ” وهذا النوع من القطرميزات المربعة والطويلة كانت شائعه في معظم بقاليات دير الزور .
كانت هذه مشاهداتي في تلك الفترة عن خلوف الاسمر ودكانه….
. رحم الله ابن الاسمر ورحم كل من ترك أثراً ولو عابراُ في تلك المدينة الطيبة .
..جودت السلمان..