
( الدلّال )
الدلال رجل يختار هذه المهنة ويمتاز بصوته الجهوري العالي كي يُسمع أكبر كمية من الناس وهو ينادي .

الصورة بعدسة حسين هنيدي
كنتُ أراه يقف في زاوية مقهى أمين المزعل -رحمه الله- في وسط سوق الجبيلة وفي الوقت الذي يقع بين العصر والمغرب حين تبدأ المقاهي تغص بالبشر,
رجل يلبس الكلابية وفوقها سترة ويلبس نظارات سوداء سميكة لا تبان منها عينيه, وأعتقد أن لديه مشكلة بالنظر ويبدأ المناداة على بيع منزل ويصيح: حووووش في محلة كذا.. مساحة كذا.. مواصفات كذا.. ويختم بقوله من له مصلحة يراجع الدلال.
كان الدلال عبارة عن مكتب عقاري, متحرك يطوف حارات وشوارع دير الزور في وقت لم تكن فيه مكاتب عقارية أو كانت قليلة جداً ويقوم أيضأ بدور الوسيط فيساوم ويتفاوض حتى تتم البيعة ويأخذ هو نصيبه حسب شطارته.
لم يكن الدلال ينادي على العقارات فقط لكنه كان يؤجر للمناداة على أشياء قد ضاعت مثل رجل فقد أوراقا مهمة أو امرأة فقدت مصاغها الذهبي,
وكانت الناس في تلك الأيام ترد اللقية لأصحابها خوفاً من صوت الدلال عندما يبدأ مناداته( يا صلاة محمد ) وهذه الجملة كافية أن تجعل الإنسان يخشع لصلاة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام, ناهيك عن أن الناس كانت تتصف بالأمانة وتعيد ما وجدته لأهله مقابل الحلاوة (حلوان)التي يدفعها صاحب العلاقة .
كانت الناس في تلك الأيام تضيع الكثير من الأشياء مثل الذهب والنقود وحتى الأطفال كانوا يضيعون من أمهاتهم وأظن أن من عاش تلك الفترة إلا وشاهد في الطريق لمة من البشر وفي وسطهم طفل صغير أو طفلة تبكي وحين تسأل يقولون لك( ضايع) وتجد الكثير ممن يتطوعون للعمل على رد الطفل لأهله بشتى الوسائل .
شخصية الدلال محببة وحين نرى الدلال يدفعنا الفضول للوقوف وسماع ما لديه كما يعتبر من صلب موروثنا الشعبي أيضاً
مهنة كغيرها من المهن التي اندثرت في الوقت الذي نحن فيه اليوم بأمس الحاجة لدلال علّه يرشدنا للصواب.
الباحث: جودت السلمان