تاريختراثمدن فراتية
في اللهجة الديرية ظاهرة “التلتلة” عربية محضة |بقلم عباس الطبال
التلتلة في اللهجة الديرية
في اللهجة الديرية ظاهرة “التلتلة” عربية محضة

تعريف التلتلة : وهي كسر حروف المضارعة . فالدارج في لغة أهل الدير أنهم يكسرون حروف المضارعة إذا كانت ( ياءا أو تاءا أو نونا )
فيقولون : إنتَ تِـعرف وهي تِـعرف ونحن نِـعرف ,
وهو يِـدري وإنت تِدري وهي تِدري ونحن نِدري
فإنّ جميع الأفعال المضارعة فيما سبق قد كُسِر الحرف الأول منها أي حرف المضارعة فيها .
أما الفعل المبدوء بالهمزة ( حرف المضارعة ) للدلالة على المتكلم مثل :
أنا أَعرف وأنا أَدري وأنا أَكتب . فيفتحون حرف المضارعة فيه( أي الهمزة ) ,
ولا يجرون على النمط السابق في كسر حرف المضارعة .
وذلك دفعا للالتباس بهمزة التعدية التي تلحق أوائل الأفعال . وقد جاء في الأمثال الفراتية:
( ما تِنحل من إيده ,, يده,, عقدة : كناية عن بخله الشديد )
و ( على كل هوا يـِـذرِّي ـ كناية عن المنافق والنفاق )
و ( ما يـِـعرف يِـِسـبح إلا بميّـة أهلـه ) يضرب سخرية بمن يـدّعي المعرفة بأمر ثمّ يتبيّن أنّـه جاهل به
- – والشوايا يكسرون أوائل الأسماء كذلك مثل : شِعير وبِعير , و شِعيب و جِليب ( وأصلها قِليب أبدلوا قافها جيما ) و رِقِيب و مِكان .
وعلى هذا نحمل كسر الشوايا لميم ( مِكان)
- -أما أهل الدير فإنهم يفتحون أوائلها خلافا للشوايا
كذلك يكسر أهل الدير همزة ( إمـّك ) , أمـّاّ الشوايا فإنهم يضمون الهمزة ( أَُمك ) على خلاف أهل المدينة .
وأما كسر همزة ( إِمك ) في كلام أهل الدير فنجد له في قراءة حمزة (( فلإِمّه – بكسر الهمزة )) من قوله تعالى في الآية – 11- من سورة النساء((… فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلإِمـه الثلث …..)) بكسر همزة (( فلإِمـه ))
– وهذه اللهجة عزوها علماء اللغة إلى تميم وأسد وربيعة وقيس وهذيل وكلب وبهراء من قضاعة .
-ومعلوم أن بهراء من قضاعة كانوا جنود الزباء القريبة مساكنها من الدير…
كما أن ربيعة تسكن الجزيرة الفراتية والدير جزء من الجزيرة الفراتية
وتـُعـدُّ الدير سوق البادية التي تتمون منها كلّ القبائل التي تسكن البادية ،
أو تعبر من الجزيرة قاصدة جزيرة العرب محتكّة بأهل الدير بلهجاتها مبادلة إياها بمعارفها جعـل هذه الظاهرة متأصلة في المنطقة
كما أننا يجب أن نلحظ أن علماء اللغة قالوا :
إنها ( في لغة جميع العرب إلا أهل الحجاز )
والدير لا تقع ضمن هذا الاستثناء
-أما كسر أوائل الأسماء فإن بني أسد يكسرون أوائل الأسماء أيضا مثل : شِعير و بِـِعير ويكسرون كلَّ حرف أول كان أحد حروف الحلق في فـَعَـلت وفـَعيل
ويكسرون ميم ( مِخاض ) ويوافقهم عـــامة قيس وتميم وقيس ما يزال بعض فروعها يسكن محافظة الدير ينطقون اسمها اليوم ( جيس )
- – وقد ورد في كتاب اللهجات القرآنية للدكتور عبده الراجحي قوله :
والقبائل التي تميل إلى الكسر تسكن شمال الجزيرة بجوار العراق والشام , وتقع الدير ضمنها
- -الدكتور رمضان عبد التواب ..وهو باحث لغوي يحدِّث فيرى أنّ الكسر أصيل في العربية.. وأن الفتح حادث أي طارىء ..وهو يقصد بذلك حروف المضارعة .
- -وقد وجد أنّ علماء العربية القدامى قد رصدوا هذه الظاهرة وعزوها لأهلها دون أن يقولوا بتأثير أية قبيلة بمجاورة أمم غير عربية بل بينوا أن هذه الظاهرة عربية محضة.
اعداد الباحث: غسان الشيخ الخفاجي



