تاريختراثمدن فراتية
المساجد العتيقة في ديرالزور-منذ الفتح الاسلامي وحتى القرن 16م
أقدم مساجد دير الزور
■ المساجد “العتيقة” في مدينة دير الزور منذ الفتح الإسلامي حتى القرن السادس عشر الميلادي:
1– مسجد وريقات الكرمة: كانت معالم هذا المسجد مبنية على طراز المساجد التي بناها قادة الجند والفاتحون كعياض بن غنم وسعيد بن عامر وسهيل بن عدي، أما نقوشه فتشبه نقوش قصور الرقة العباسية .
[عندما شق طريق النهر سنة 1949م، عثر على بقايا الجامع بعمق ليس بقليل من تلة الدّير العتيق وفي مستوى سهل المدينة, وأن النقوش التي كانت تشكل تاج المحراب هي نقوش لأوراق الكرم التي شاهدنا مثلها في حفريات قصور الرقة, وإن العثور على جثث بشرية محروقة في الجامع يذكرنا بخطط القرامطة الجهنمية وتعصبهم المذهبي حينما مروا بطريق الفرات إلى بلاد الشام غازين لنشر مذهبهم, وقد يعود تدمير هذا الجامع لزمنهم] . وقد سخط من أمر المحافظ الذي أوعز بهدمه سنة 1949 علماءُ وأدباءُ دير الزور كالشيخ محمد سعيد العرفي وحسين السراج، وكذلك الشاعر محمد الفراتي الذي نظم قصيدته المشهورة (طمست آثار أسلافي) ومنها:
هدمت منها قصوراً جد عامرة
للفخر شيدت ولم ترهب بها أحدا
تشكو إلى الله في المحراب منهدماً
أرواح من فيه من آبائنا سجدا
أنار إبليس لا (نور الإله) فقد
أطفأت نوراً بذاك المسجد اتقداً
وقد عثر في المسجد على قطع فخارية ونقود نحاسية بيزنطية. أما الرخام الذي رسمت عليه وريقات الكرمة فأهمل كما أهمل الكثير من آثار الدّير من قبل ومن بعد.
2-الجامع الكبير: “جامع حي الوسط”
شيد الجامع في قمة تل دير العتيق, والدير العتيق يومها هو مدينة دير الزور كلها، يمتاز الجامع بمئذنته المثمنة الأيوبية أو المملوكية . وطوله من الشرق للغرب (30×15م).وبني المسجد من الحجر والآجر, والقبة ترتكز على أميال رخامية, وكان يحيط بالمئذنة سياج حجري قبل وضع السياج المعدني في فترة لاحقة. وقد ظلت الصلاة تقام فيه إلى أن تم بناء الجامع الحميدي ثم هُجر وأهمل. وأزيل الجامع الكبير بإزالة الدّير العتيق إزالة نهائية عام 1969م. وإمام وخطيب الجامع في بداية القرن العشرين ملا أحمد عبد الحميد الخفاجي ، أما مؤذن الجامع كان السيد “ملا مشعل”.
3- الجامع العمري: أقدم أثر لا يزال حياً:
لا يعرف زمن تأسيسه بدقة ومن بناه، ولماذا تواتر اسمه بالجامع العمري. ويذكر الأستاذ توفيق قنبر أن من بناه امرأة من الرؤساء تدعى المرعبة في القرن الثامن عشر . ويقول البعض إنه بني في القرن السادس أو السابع عشر الميلادي, في حين يرجعه قسم آخر لأزمنة أبعد من ذلك. ومن رواية الشيخ عبد الجبار المفتي(إنه بني قبل وفاة حفيد الشيخ محمد السائح), وإن الجامع كان موجوداً في عهد الشيخ عبد الكريم حفيد الإمام محمد العابدين الحسيني الملقب بمهد السائح “أبو عابد”. ويرجعه البعض لعهد الفتوحات الإسلامية للجزيرة الفراتية عندما سار عياض بن غنم بجيشه من طبريا يريد الجزيرة، وفي مقدمته خيل سهل بن عدي فلم يزل سائراً حتى نزل بالس، وكان خالد بن الوليد قد فتحها صلحاً، وسرح سهيل بن عدي إلى الرقة فنزل على حصارها.. فمشى القوم إلى عياض بن غنم بالصلح فرأى أن يقبل منهم. وبعث عبد الله بن غسان إلى أهل تلك القرى وطيب قلوبهم (مجموعة قرى في الجزيرة الفراتية طلبت الصلح فأجابهم المسلمون بالأمان) .
ومن بداية الفتح العربي في زمن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – (11 – 13هـ/632-635م) حتى زمن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – (13-23هـ /632- 642م) دخلت المنطقة في ظل الحكم العربي الإسلامي وعاصرت العهدين الأموي والعباسي .
ويمكن أن نصل إلى نتيجة مرجحة وبأقل احتمال: أن الجامع كان موجوداً في القرن التاسع الهجري.
ويقع الجامع في الجهة الشرقية من الدّير العتيق. وقد نجى من الهدم سنة 1969م مع بعض المباني التي كانت تقع شرقي دير العتيق. ويقع حالياً شمال الساحة العامة. وفي سنة 1906م شيدت منارته (المئذنة).
وفي سنة 1942م هَدم هزاع الطعمة المسجد لقدمه وتُصدع جدرانه وأعاد بناء المسجد بالإسمنت المسلح, وفي سنة 1958م أحيط من الجهة الجنوبية والشرقية بـ 20 دكاناً تعود ملكيتها للأوقاف . وفي سنة 1960 بنت الأوقاف طابقين فوق هذه الدكاكين. وفي سنة 2004م سجلت مأذنته كمعلم أثري من معالم دير الزور.
المرجع: كتاب السيرة الذهبية”ديرالزور”عروس الفرات والجزيرة السورية.
- مصادر البحث مثبتة في الكتاب(من ص46-ص50)
- للإطلاع على المزيد مراجعة الكتاب.