أعلام من حاضرة الفراتتاريخ
أسطورة العنابزة(ثورة خشام) + قائدها حمود الحمادي عام 1921م
ثورة خشام 1921م
من صفحات أمجاد ديرية. .
كانت ثورة خشام من أشهر ثورات النضال السوري في وجه المحتل الفرنسي .
ففي 20 تشرين الأول عام 1921 م أمر الشيخ حمود الحمادي شيخ عشيرة العنابزة جميع أبناء عشيرته الثائرة بحفر الخنادق بين حقول الذرة ، وتعبئة كل ما لديهم من أكياس بالرمل, لجعلها بمثابة متاريس قتال.

الحاج عربيد الشحيتر أحد أبطال معركة خشام العنابزة عام 1921
المجاهد طايس بن المجاهد حمود الحمادي مع أولاده – من قرية خشام
– وفي يوم 24 تشرين الأول تقدمت قوة فرنسية بقيادة “الكومندان لاتوريت”, وبعد وصول القوة الفرنسية , إلى منطقة “السن” اعتقلت السيدين حميد السليمان السهو وجاسم السمين مختاري قرية الطابية, ظناً منها سوف توقع الخوف والهلع في نفوس القرى الثائرة, إلا أن أهالي القرى عقدوا العزم على متابعة النضال ضد العدو الغازي. ولما لم تفلح الحرب النفسية التي اتبعها العدو عمدت بمساعدة الخونة بسلب ونهب المواشي والجَمال.
ثم اتجهت الحملة الفرنسية إلى قرية جديد عكيدات لتطويق قرية خشام المعقل الرئيسي للقوة الثائرة بقيادة “حمود الحمادي”, إلا أن أهالي الجديد قاوموا الحملة وحدثت معركة سقط فيها الشهيد حسين اليوسف من قرية جديد عكيدات, وقتل الثوار أربعة جنود من السنغال كانوا في صفوف الحملة الفرنسية. وبعد هذه المعركة أمر قائد القوة الفرنسية جنوده بالتوجه لمنازلة الثوار في قرية خشام, واتخذت من تلة السن مركزا لها , ويعتبر هذا الموقع من المواقع الاستراتيجية من الوجهة العسكرية, كونه يطل على قريتي مراط وخشام. وبدأت المدفعية والرشاشات الثقيلة تصب حممها ونيرانها على الفصائل الثائرة تساندها الطائرات, تمهيدا لشن هجوم مدعم بالخيالة السريعة والمشاة, إلا أن الثوار قد أبطلوا مفعول الهجوم بصمودهم. واستعمل الثوار الخدع الحربية, وأن لا تطلق أي طلقة إلا تحت الرمي المجدي.
تقدمت القوات الفرنسية واعتقدوا أن الثوار قد هربوا من شدة القصف.
وبناء على الخطة التي وضعها السيد حمود الحمادي والسيد عربيد الشخيتير قام الثوار بوضع كمائن وزمر استطلاع , مهمتها مشاغلة العدو, وكان معهم في متاريس القتال عزاوي العجيل من الجحيش ويقيم مع العنابزة وكذلك جاسم العلي البكر وأصله من البو خابور ويقيم أيضا مع العنابزة . و توغلت سرية فرنسية بقيادة الملازم “وينان” وجميع أفرادها من السنغال وما إن وصلت إلى خطوط التماس حتى حصدتها نيران الثوار عن بكرة أبيها, و وقع الخوف في صفوف المستعمر الفرنسي ووقع الكثير من الجنود في الأسر وتم أخذ سلاحهم.
لكن بعد هذه الملحمة جن جنون فرنسا للانتقام، فأصدرت الأوامر للطيران فزجت طيرانها بأعداد كبيرة وانقضت على القرى القريبة ودمرتها. ودخل الفرنسيون قرية خشام وقاموا بحرق جميع المحاصيل وتدمير البيوت وأتلفوا كل ما هو مفيد وتقدموا لاعتقال حمود الحمادي لكنه لم يستسلم و أمطرهم ببارودته العثمانية, إلى أن قتل برصاصة طائشة أصابته في جبينه, وتقدم رقيب أول سنغالي من الجيش الفرنسي, فهجم عليه وحز رأسه وقطعه وحمله على رأس حربته إيذانا بانتهاء المعركة . وأرسل رأسه إلى فرنسا .
ومما تغنى به الأهالي عن بطولة الشهيد حمود الحمادة:
من فوق السن احدرناهم
تسع مية ومعمو وياهم
حمود الحمادة جاهم
جايب متراليوز ميسر (أي مأسور).
ومن المأثور عن البطل حمود بن حماده أنه قتل لوحده وبرصاص بندقيته مائة جندي فرنسي . ومن أبطال تلك المعركة طايس بن حمود الحمادي و الحاج عربيد الشحيتر, إضافة للبطل حمود الحمادة, والثلاثة قتلوا لوحدهم قرابة 300 مستعمر .
و يذكر الحاج عربيد في حديث له مع مجلة العمران عام 1971م: (كنا نسمع الصراخ الشديد لجنود العدو بلهجة لا نفهمها, وكنا ننتقل من نصر إلى نصر. وإنني وحمود من أشهر صيادي الغزلان، وأثناء المعركة كنا نتراهن على اصطياد الجنود السنغال من وراء خنادقنا وكان يقول لي حمود أين تريد أن اضرب لك ذلك الأسود، فأقول له في جبينه وكنا نصطادهم كما نصطاد الغزال لكن مع الفارق الكبير بين الغزال وذلك الأسود المستعمر) .
وتشير التقديرات لخسائر فرنسا في تلك المعركة, إلى المئات من القتلى بين ضباط وجنود اغلبيتهم من السنغال.. بينهم قائد الحملة الكومندان “فان” و”الكابتن لاتوريت” أما الأسرى فهم من مستعمرات فرنسية فيهم بعض العرب من الجزائر والمغرب العربي. وذكر المجاهد طايس في حديثه لمجلة العمران عام 1971م: (لقد أسرنا الكثير من جنود فرنسا ومنهم عرب من مستعمرات فرنسية أخرى, فأطلقنا سراح العرب والباقي نالوا الجزاء العادل) .
عن:

تأليف: غسان الشيخ الخفاجي



